إعداد: كبير مهندسي التخطيط في مجموعة مشاريع الأحمدي أحمد الشرقاوي
التوازن أهم المعايير والسمات في مراقبة الأداء، ويتضمن الإجابة على ثلاثة أسئلة: أين أنا الآن؟ ماذا أريد؟ لماذا أريد ذلك؟
مصفوفة أيزنهاور لإدارة المهام تعتبر من أهم أدوات النجاح في تحقيق الذات
تحقيق الذات يتأمن من خلال احترام الوقت واكتساب المعرفة والخبرة وتحديد رؤية واضحة ومهام واقعية
تحقيق الذات يعد من أهم الأهداف التي يسعى لتحقيقها الجميع، لكن للوصول الى هذا الهدف، لا بد من القيام بالتخطيط، وهي عملية تمتلك أكبر الأثر في ذلك، فهي الأساس الذي يبنى عليه العديد من المراحل اللاحقة.
وأهم ما يدور في عقل أي منا إذا ما بدر لأذهاننا مثل هذا التحدي هو مجموعة من الأسئلة أهمها ما معنى التخطيط؟ وكيف أقوم بعملية التخطيط لحياتي؟ وكيف أقوم بالتخطيط المتوازن لتحديد الأهداف ومن ثَم تحقيقها؟
فعلياً ومن واقع التجربة الشخصية، فإن كل ما يحققه الإنسان من أهداف إيجابية هو إثراء لقيمة ذاته وإضافة لرصيد إنجازاته، ما يعتبر قيمة إضافية لمهاراته، وإثراءً للدروس المستفادة وكذلك الخبرات العملية والفنية.
وعملياً، فإن مفهوم التخطيط هو دراسة وتحليل كافة البدائل المتاحة ودراسة أولويات تنفيذها لتحقيق أهداف وغايات الغرض منها، وإضافة قيمة أو دفع ضرر.
وتعتمد عمليات التخطيط Planning Processes بشكل مبدئي على القدرة على تحديد رؤية واضحة Clear Vision للأهداف والغايات، ثم القدرة على تحديد مهام يمكن القيام بها Manageable Mission(s)، يليها قياس وتقييم النتائج Constructive Evaluation وذلك من خلال عمليات المراقبة والمتابعة الدورية Monitor and Control لاتخاذ ما يلزم من قرارات أو إجراءات تصحيحية أو قد تكون تغييرية من شأنها تحسين جودة النتائج المحتملة.
معنى التخطيط
الحياة رحلة محددة بتوقيتات هامة وتتكون من ثلاثة فصول أو أجزاء هامة وهي الأمس الذي انقضى، واليوم الذي نعيش فيه، وغداً الذي نطمح لأن يكون أفضل أيامنا، وفى كل فصل من فصول حياتنا، يجب علينا أن نتأكد من حسن استثمارنا وتوظيفنا لنعم الله علينا في تحقيق أهدافنا الإيجابية التي تضيف الينا قيمة وتحقق المزيد من النجاحات إن أمكن التعامل بأمان وحسن التصرف خلال وقت الأزمات إذا لزم الأمر.
ولكل منا أدواته الخاصة التي يستخدمها في تهيئة المناخ المناسب لعرض مهاراته الشخصية، فمنها على سبيل المثال تنمية المعارف والاطلاع على العلوم المختلفة بهدف تنمية الثقافة التي هي غذاء الروح، وبالتالي تنمية وترقية الثقة بالنفس والتزود بالمعرفة لتنمية وبناء الشخصية بما يضيف قيمة للمهارات المهنية، وبكل تأكيد يسهم ذلك بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تنمية الجانب المالي لتحقيق متطلباتنا الدورية النمطية والاستثنائية، مع ضرورة الأخذ بالاعتبار المحافظة على الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية من خلال مخالطة الناس الإيجابيين والناجحين، وعدم التأثر بالتجارب السلبية، وإنما التزود بالتجارب والدروس المستفادة أياً كانت نتائج هذه التجارب.

عناصر نجاح التخطيط
من أهم النعم التي رزقنا الله بها هي نعمة الوقت، فإن لم نخطط لاستثمار الوقت وتوظيفه في حياتنا سنفاجأ بأمور غير مرغوب فيها قد تفسد علينا الاستمتاع بتحقيق أهدافنا النبيلة التي تضيف قيمة لحياتنا.
ومن العناصر الهامة كذلك كفاءة وفعالية إدارة الأنشطة، واسمحوا لي بأن أستخدمها بديلاً عن إدارة الوقت، فمن المؤكد أنه لا يمكننا إدارة الوقت، ولكن يمكننا إدارة الأنشطة خلال الوقت، فالوقت لا يمكن اعتباره كالتكاليف أو كالمال الذي يمكن ادخاره لإعادة توظيفه في حالة الطوارئ، ولكن ينبغي العمل على تنظيم الوقت وحسن استغلاله لإنجاز مهام وأنشطة بهدف تحقيق غاية أو هدف إيجابي.
ولا بد كذلك من تنمية الثقة بالنفس، فعند كتابة وتحديد الأنشطة المرغوب في إنجازها، سيتم بالتالي تحديد أولويات التنفيذ ومن ثم تدبير احتياجاته، وبكل تأكيد ستزداد ثقة الشخص بنفسه وحماسه في تحقيق الهدف الذي يسعى اليه.
كما يشكل التحكم والرقي بالذات عنصراً آخر يكمل العناصر الباقية، فمن أهم احتياجاتنا النفسية الحاجة للشعور بالأمان والاطمئنان بأننا قد أخذنا بأسباب السعي ودراسة البدائل والمخاطر وتدبير الاحتياجات، ثم الدعاء بالتوفيق لنجاح الخطة، والأخذ بأسباب تحقيق النجاح والسعي بصدق لتحقيق الأهداف، وهي أمور تندرج تحت تنمية الإحساس بالشغف لتحقيق الذات.
أما الوصول لمرحلة الريادة في الإدارة، فهو يتطلب وضع تصور ولو كان مبدئياً لخطة تحقيق الأهداف، ومن هذا التصور للخطة سيتولد مزيد من الخطط المنقحة والمتطورة لتحفيز تحقيق النجاح، ومن هنا يبدأ المفهوم الصحيح نحو تحقيق الإدارة الفعالة، وهي النجاح في إدارة الذات ومن ثم إدارة شؤون الآخرين مثل فريق العمل أو أفراد الأسرة أو مجموعة الأصدقاء، وبالتالي فإن من ينجح في إدارة ذاته ينجح في إدارة شؤون حياته بهدوء واستقرار وتفاؤل يصنع مزيداً من الإنجازات في كل لحظة من الحياة.

نصائح الخبراء
إن السير على خطى الناجحين في مجالات الحياة يوفر كثيراً من الوقت الذي قد يضيع عبر اتباع أساليب خاطئة أو غير مثالية، لذا فإن العمل على ضوء نصائح الخبراء في المجالات المختلفة يسهل الوصول إلى تحقيق الأهداف.
وعلى سبيل المثال، يمتلك مارك كوبان تجربة ناجحة في ريادة الأعمال، فقد نجح في تأسيس العديد من المشاريع الناشئة التي درت عليه أرباحاً بملايين الدولارات وفقاً لمجلة "فوربس".
وفي إحدى المقابلات التي أجريت معه، قدم كوبان أهم النصائح كقواعد للنجاح في ريادة الأعمال، فكان أهم هذه القواعد أن يتعامل الشخص مع أهدافه بشغف وحب، وأن يحيط نفسه بمن يحب مشاركته نجاح أهدافه لإيمانهم به وبأهمية نجاح أهدافه.
كما يعتبر لوكا جونسون واحداً من أبرز رواد الأعمال البريطانيين، حيث اعتاد كتابة مقالات لصحيفة Financial Times البريطانية ومجلة Management Today، كما شارك في تأسيس وإطلاق مركز رواد الأعمال البحثي الذي لا يهدف إلى الربحية، وترتكز فلسفة جونسون في العمل على قاعدة: "لا تسهب في الأخطاء ولا تدع الندم يربكك، وحين تسوء الأمور يتعين عليك أن تمضي الى الأمام وتحسن أوضاعك أسبوعياً".

الأسئلة المهمة
التوازن أهم المعايير والسمات الواجب مراعاتها عند إجراء عملية المتابعة بغرض مراقبة الأداء، وذلك بهدف التحسين المستمر وإضافة المزيد من التحكم بلا إفراط ولا تفريط، وذلك بالإجابة على ثلاثة أسئلة هامة جداً: أين أنا الآن؟ ماذا أريد؟ لماذا أريد ذلك؟
لكي تتزن الحياة العملية بأركانها المختلفة، سواء الشخصية أو العائلية أو المهنية أو أيا كانت باختلاف تنوعها، فلا بد أن يتساءل الشخص بين الحين والآخر، وفى كل فترة من فترات حياته (أين أنا الآن؟).
ومن الضروري بذل محاولات جادة لكتابة خطة العمل وتحديد الأهداف، مع ضرورة ربط خطة العمل بتواريخ زمنية تقريبية ومنطقية لتحقيق هذه الأهداف.
كما أنه من الضروري أيضاً سرد كل الإمكانات المتاحة لدينا والتي سنحتاجها لتدعيم محاولاتنا الجادة في تحقيق الأهداف، فلا بد من التعرف على إمكاناتنا المتاحة وكذلك إمكاناتنا المحتمل تواجدها مستقبلا، مع ضرورة تقييم نسب احتمال تواجدها للتعرف على حقيقة وضعنا وأين نقف منها.
والسؤال الثاني، (ماذا أريد؟)، هو وصف الهدف المراد تحقيقه، ويفضل تقسيم الهدف الكبير لعدة أهداف أصغر قابلة للتحقيق من خلال تطبيق منهج تحليل مكونات العمل للوصول اليه Work Breakdown Structure WBS.
ثم يجعلنا السؤال الثالث (لماذا أريد ذلك؟) نحدد الدافع، والسبب الذي يحفزنا ويقودنا بإصرار إلى تحقيق أهدافنا بسلام والنجاح في تجنب أو تقليل الآثار السلبية قدر الإمكان.
ترتيب الأولويات
أهم أدوات النجاح في تحقيق الذات هو تطبيق شهير جداً اسمه على اسم من اكتشفه، مصفوفة أيزنهاور Eisenhower Matrix لإدارة المهام، والتي تهدف إلى تقسيم المهام والأنشطة الدورية إلى قسمين أساسيين بحسب أولوية التوقيت وأولوية الأهمية، ثم تقسيم فرعي للتقسيم الرئيسي تحت عنوان أولوية الأهمية لأنشطة هامة وأنشطة غير هامة، إضافة إلى تقسيم فرعي آخر للتقسيم الرئيسي تحت عنوان أولوية التوقيت لأنشطة عاجلة وأنشطة غير عاجلة كالآتي:

ويمكن الاستعانة بهذا الأسلوب للعمل على وضع قائمة مهام واضحة المعالم تمكننا من الاستفادة من مورد الوقت المحدود.
ومما لا شك فيه أن عملية التخطيط التي نقوم بها لحياتنا هي خارطة طريق تحدد سبيلنا لتحقيق ذاتنا، وبالتالي يجب علينا أن نتعرف على أنفسنا ونحدد بأمانة الاحتياجات الحقيقية لشخصيتنا وهويتنا بالاعتماد على النفس، ودون الاستناد إلى منطق الآخرين، ولكن بالاستفادة من تجاربهم وبأن نتقن ما نتعلم وما نعمل، معتمدين على خبراتنا وتجارب الرواد من السابقين، آخذين بالاعتبار الثقة بالله ثم بقدراتنا، مع التحلي بالصبر، فكل شيء سيأتي مع الوقت وبذل الجهد، ولا بأس من البحث عن ناصح Mentor يقوم بدور المرشد الذي يساعد على الاستدلال الى الطريق والطريقة عندما تتوالى العقبات التي تواجهنا.
وبالخلاصة، فإنه يمكن تلخيص معادلة تحقيق الذات عملياً بما يلي:
معادلة تحقيق الذات = احترام الوقت + اكتساب المعرفة والخبرة + تحديد رؤية واضحة ومهام واقعية مع التقييم المستمر (بإجابة الأسئلة الهامة: أين أنا الآن؟ وماذا أريد؟ ولماذا أريد ذلك؟)