مريم الخاتم.. نموذج للتألق في نفط الكويت
بدأ العام الحالي واعداً بالنسبة لدولة الكويت، وذلك بعد أن حققت إنجازاً بارزاً ساهم في وضعها على خريطة الجهود العالمية في مجال الفضاء.
فقد شهد يوم الثلاثاء 3 يناير 2023 إطلاق القمر الاصطناعي الكويتي الأول "كويت سات 1" إلى الفضاء، وذلك من قاعدة "كيب كانافيرال" الجوية بولاية فلوريدا الأميركية، عبر صاروخ "فالكون 9" التابع لشركة "سبيس إكس"، ليكون أول قمر ينطلق من حمولة الصاروخ، والتي تضم 114 قمراً مصغراً.
وكالعادة في كل إنجاز، يكون لشركة نفط الكويت بصماتها الخاصة، حيث إنها إما أن تكون صاحبة الإنجاز أو مساهمة بارزة فيه، أو يكون أحد العاملين في الشركة هو المعني بذلك، وهذه حال إحدى العاملات المتألقات في الشركة، ونتحدث هنا عن مريم الخاتم، كبير الجيولوجيين في فريق عمل التقييم الاستكشافي (1) التابع لمجموعة الاستكشاف، والتي شاركت في هذا الإنجاز الحلم بالنسبة لدولة الكويت.
في المقال التالي، نسلط بعض الضوء على الإنجاز بحد ذاته، ونتعرف على تفاصيل مشاركة مريم الخاتم فيه، وهو أمر تعتز به شركة نفط الكويت وتدعمه كلياً.

الكويت إلى الفضاء
كما ذكرنا في مقدمة المقال، فقد تم إطلاق "كويت سات 1" إلى الفضاء بعدما تم التأكد من جاهزية محطة استقبال المعلومات والصور الأرضية في المبنى الشمالي من كلية العلوم في جامعة الكويت لالتقاط إشارات القمر بعد وصوله إلى مداره حول الأرض.
ويأتي المشروع التابع لجامعة الكويت والممول من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي تحت شعار "الكويت إلى الفضاء"، بعد عمل دؤوب استمر ثلاث سنوات وبفريق كويتي شاب، إذ هدف المشروع إلى بناء قدراتهم في مجال إنشاء وتصميم وإدارة الأقمار الاصطناعية وإكسابهم الخبرات التدريبية والميدانية اللازمة.
وفي 7 أبريل من العام الحالي، أي بعد نحو ثلاثة أشهر من إطلاقه، أعلن فريق المشروع عن التقاط القمر أولى صوره لدولة الكويت ودمجها في لوحة موزاييك، مقدماً بذلك منظراً جميلاً للنصف الشرقي من البلاد، وهي خطوة تشكل بداية جديدة لتعزيز مكانة الكويت في مجال الفضاء وتطوير قدراتها العلمية والتكنولوجية، كما تعزز القدرات البحثية والتطويرية للكويت في مجال علوم الفضاء، وتعكس التزامها بتنمية ثقافة الابتكار والتطوير المستدام.
و"كويت سات 1" هو قمر اصطناعي نانومتري، تتمثل مهمته الأساسية في مراقبة الأرض وتوفير بيانات دقيقة وموثوق بها للعديد من القطاعات، بما في ذلك التخطيط العمراني والزراعي، والرصد البيئي، وإدارة الموارد الطبيعية، كما يحتوي على كاميرا عالية الوضوح بقوة تفريق 39 متراً، تمكنه من التقاط صور تتيح جمع معلومات قيّمة لدعم التنمية المستدامة في البلاد، وسيبقى في المدار لنحو 25 عاماً.
بداية مشاركتها
ونتابع مع ضيفة مقالتنا المتألقة مريم الخاتم، التي أوضحت أنها انضمت إلى فريق المشروع الوطني للقمر الاصطناعي الكويتي الأول من خلال رابط قدمت فيه سيرتها الذاتية، ثم أجريت عملية ترشيح تم على أثرها اختيار 45 عضواً، تلا ذلك إجراء المقابلات الشخصية وإقامة معسكر لتدريب المقبولين من أجل اختيار الأكثر كفاءة واستعداداً.
وأشارت الخاتم إلى أن أعضاء الفريق هم من جامعة الكويت، وجامعات أخرى، وشركات تابعة لمؤسسة البترول الكويتية (شركة البترول الوطنية وشركة صناعة الكيماويات البترولية)، فيما كانت هي الوحيدة من شركة نفط الكويت.
وقالت إنها كانت مجرد طالبة عندما انضمت إلى المشروع، وكان ذلك في عام 2019، وقد حصل ذلك بعدما تعرفت على المشروع من خلال الملصقات التي وزعت في كلية العلوم بجامعة الكويت، لافتة إلى أن الاستعدادات شهدت بعد ذلك بعض البطء نتيجة انتشار جائحة "كورونا"، وكانت قد تخرجت خلال ذلك الوقت، مشيرة إلى أنها استفادت بالفعل من تلك الفترة من خلال ندوات عبر الإنترنت، وتدريب مكثف من جامعة الكويت إلى جانب جامعات أخرى، ومنها جامعة "كولورادو" في الولايات المتحدة.
وأوضحت الخاتم أن رحلتها بدأت في قسم الفيزياء بجامعة الكويت، وتحديداً مع رئيس القسم الأستاذة الدكتورة هالة الجسار، وبرعاية مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، بعد ذلك تم الإعلان عن الأعضاء، وكانت المرحلة الأولى بعد الاختيار هي التدريب، والتي كانت أطول مرحلة في تلك العملية، لافتة إلى أن جزءاً من التدريب تم بالتنسيق والتعاون مع مركز محمد بن راشد لعلوم الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأفادت بأن التدريب تواصل طوال فترة الجائحة، واستمر الأعضاء معه في اكتساب المعرفة والتعلم، حيث إن أحد الأهداف الأساسية للمشروع هو بناء القدرات.
وبعد انتهاء الإجراءات المرافقة للجائحة، انضم عدد أكبر من الأعضاء ضمن حزمة ثانية، في حين اضطر آخرون إلى المغادرة لأسباب مختلفة، لكن الرحلة تواصلت دون توقف.
فرق فرعية
وتطرقت الخاتم إلى كيفية تقسيم الفريق الأساسي الذي يتكون من 45 شاباً وشابة إلى خمسة فرق فرعية مختلفة، فضلاً عن شرح الدور الذي قام به كل منها في هذا السياق.
وكشفت عن أن الفريق الأول هو الفريق الفني الذي كان مسؤولاً عن الأجزاء الفنية من الأقمار الاصطناعية، والنظام الفرعي Sub-System، والهندسة الكهربائية، والهندسة الميكانيكية، وهندسة الكمبيوتر، في حين تولى الفريق الثاني وهو الفريق الإبداعي (التي هي جزء منه)، مسؤولية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وتوثيق كامل المراحل التي مر بها المشروع لتقديمه إلى الجمهور بأفضل صورة ممكنة.
أما الفريق الثالث وهو فريق المحطة الأرضية، فكان مسؤولاً عن استقبال وإرسال الأوامر إلى القمر الاصطناعي، علماً أنه تم بناء المحطة الأرضية في جامعة الكويت وبتمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، من قبل فريقها وبمساعدة متخصصين من الخارج.
الفريق الرابع هو فريق التطبيق (الذي تعد الخاتم جزءاً منه كذلك)، ويتكون بشكل أساسي من الجيولوجيين وعلماء البحار والمهندسين المعماريين، وهم مسؤولون بعد تلقي الصور من القمر الاصطناعي، عن معالجة تلك الصور، ثم محاولة استخدامها في إجراء الدراسات، مثل البحث الجيولوجي ودراسات العلوم البحرية وما إلى ذلك.
ويبقى الفريق الخامس وهو فريق المراقبة الذي يتكون من الدكتورة هالة الجسار مديرة المشروع، و د. ياسر عبدالرحيم من كلية الهندسة الكهربائية مدير التدريب الطلابي، ود. أحمد الكندري مدير العمليات، وهو عقيد ركن متقاعد من وزارة الدفاع.

تاريخ شخصي
كان من المفيد استكشاف التاريخ الشخصي لمريم الخاتم، والذي أوصلها إلى المشاركة في هذا الإنجاز البارز، وهو تاريخ مفرح، حيث إنه يكشف عن شغف كبير في هذا المجال.
فقد أوضحت الخاتم أنها درست الجيولوجيا في جامعة الكويت وتخصصت في جيولوجيا البترول، وبدأ اهتمامها بهذا المجال منذ نعومة أظافرها، ما يدل على أنه من خلال التفاني والعمل الجاد، يمكن للجميع تحقيق أحلامهم.
كان أول كتاب قرأته في طفولتها يدور حول علم الفلك، وهي ممتنة لأن لديها أسرة كانت تدعمها بشدة في سعيها لتحقيق أحلامها، حيث كانوا دائماً يقدمون لها كتباً عن علم الفلك، في حين أهدى لها اثنان من أعمامها أول تلسكوبات لها، كما أن شقيقها عضو أيضاً في الفريق، ما يجعل الأمر اهتماماً أسرياً، وهذا يدل على أن طريق الإنجازات المرموقة يبدأ من المنزل، ويتبعه الدعم الأكاديمي، ثم بالطبع الدعم غير المحدود الذي تقدمه شركة نفط الكويت للعاملين فيها لكي يتألقوا، ولاسيما الشباب منهم.
وفي هذا السياق، تقدمت الخاتم بخالص الشكر لشركة نفط الكويت على دعمها الكبير وتفهمها كلما احتاجت إلى المغادرة لتكون مع فريقها والقيام بدورها على أكمل وجه، مع عدم التأثير على دورها في شركة نفط الكويت، معتبرة أن هذا يدل على إيمان الشركة العميق بكوادرها الوطنية الشابة، علماً أنها موظفة جديدة نسبياً، حيث انضمت إلى الشركة منذ عام فقط ولا تزال قيد التطوير.
بكل فخر نحو المزيد
وكشفت الخاتم عن أن الفريق، وبكل فخر واعتزاز، يستعد حالياً لإطلاق القمر الثاني "كويت سات 2"، والممول أيضاً من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، لكنه سيكون أكبر حجماً وأكثر طموحاً وتطوراً، كما يأمل أعضاء الفريق بإطلاق أول مركز لأبحاث الفضاء في الكويت، وأن يكون للكويت وكالة فضاء خاصة بها في المستقبل.
وأوضحت أنه على الرغم من أن الفريق يتكون بالكامل من متطوعين، وقد كان هذا جزءاً من التحدي، فإن جميع الأعضاء تميزوا بالتفاني في العمل وبذل الوقت والجهد، لأنهم كلهم مواطنون شباب يسعون لرفع اسم الكويت عالياً، وقد عملوا بهذه الروح، وأثبتوا أنفسهم، لا بل تجاوزوا التوقعات، من خلال العزم المتواصل للتغلب على أي عقبة.
واعتبرت أن هذا الأمر يعود إلى أن لديهم جميعاً شغفاً شخصياً في هذا المجال، وبالتالي تمتعوا بعقلية متحفزة للغاية وملهمة، حيث تراوحت الفئة العمرية لهؤلاء الشباب المتألقين ما بين 22 و35 عاماً، تشكل الإناث 70 بالمئة منهم، وجميعهم إما تخرجوا حديثاً أو في سنواتهم الأخيرة بالكلية.
وعندما يتعلق الأمر بكيفية ربط هذا المشروع بشركة نفط الكويت، أوضحت الخاتم أن الشركة تستخدم فعلياً التصوير بالأقمار الاصطناعية في عمليات الاستكشاف وتطوير الحقول، وفي المستقبل، قد يكون لدى الشركة قمر اصطناعي خاص بها.
كادر – تكريم ودعم
قام فريق عمل التقييم الاستكشافي (1) التابع لمجموعة الاستكشاف في الشركة، بتكريم كبير الجيولوجيين في الفريق مريم الخاتم، وذلك بمناسبة مشاركتها في الإنجاز الذي حققته الكويت مؤخراً وتمثل بإطلاق أول قمر اصطناعي للدولة.
وقام رئيس الفريق مشعل الوادي بتسليم الجيولوجية الشابة هدية تذكارية تقديراً لكفاءتها التي أهلتها لتكون إحدى المشاركات في هذا الحدث، الأمر الذي بدوره يؤكد على احتضان شركة نفط الكويت للطاقات الشبابية الواعدة في مختلف المجالات والاهتمامات ومكافأتها على تألقها.
