سوق الأحمدي الحرفي .. أصالة وجودة وجمال
نظّمته شركة نفط الكويت بهدف دعم المصنّعين والمنتجين المحليين
* نفط الكويت تعمل على دعم الشباب الكويتي في مساعيهم المختلفة وبجميع المجالات
* تولى فريقا عمل العلاقات المحلية وخدمات المجتمع تنسيق وتنظيم الفعالية
* اتبع منظمو الفعالية نهجاً حرفياً أخذ كل التفاصيل بالاعتبار وتمت صياغتها بعناية
في إطار التزامها بمسؤوليتها تجاه المجتمع المحيط بها، ولدعم المصنّعين والمنتجين المحليين، نظمت شركة نفط الكويت سوق الأحمدي الحرفي، وذلك للمرة الأولى بتاريخ المنطقة، فحققت من خلاله نجاحاً كبيراً بفضل الجهود الدؤوبة التي بذلها فريقا عمل العلاقات المحلية وخدمات المجتمع، اللذان تضامنا في تنسيق وإقامة الفعالية، والتي كان الغرض منها تسليط الضوء على المواهب والجهود المحلية.
وتضمن السوق أنشطة يديرها بائعون محليون، احتوت على منتجات مصنّعة من قبلهم، وغالبيتها كانت عضوية، وأتيحت لهم الفرصة لعرضها وتسويقها وبيعها لجمهور واسع من الزوّار، الذين أبدوا إعجابهم الشديد بكل ما ضمه السوق واستمتعوا به على مدى يوم كامل.
وكان من بين الحضور ممثلون عن الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، والهيئة العامة للصناعة، وذلك بهدف دعم جميع المبادرات وتشجيع الكويتيين على المشاركة في المشاريع الحرفية المستقبلية، ليشكل هذا الحدث دعماً كبيراً لكل ما هو كويتي، لاسيما أنه ترافق مع إطلاق الاحتفالات بالأعياد الوطنية لدولة الكويت الحبيبة.
مجلة "الكويتي" كانت هناك، وعادت لكم ببعض المشاهدات عن هذه الفعالية النوعية.
الأسواق الحرفية
أردنا في البداية تقديم فكرة مختصرة عن الأسواق الحرفية، وهي عبارة عن أسواق تعرض المنتجات المصنّعة من قبل الحرفيين، والذين يمثلون أشخاصاً كرّسوا أنفسهم وحياتهم لخدمة الحرفة التي يتقنونها.
ويحرص الحرفيون على أن تكون جميع منتجاتهم مصنوعة يدوياً، حيث يضعون أصالة المنتج في المقام الأول، وبالتالي فإن جمال الأسواق الحرفية هو أنها تختلف عن معظم الأماكن التي نذهب إليها للتسوق، حيث إن كل منتج يتم تصنيعه من قبل شخص متحمس لمهنته، ويكون مهتماً بشكل كبير بأدق التفاصيل، وليس همه الوحيد بيع المنتج وتحقيق الربح من خلاله.
ونظراً لوجود مثل هذا الالتزام بالأصالة، تميل الأسواق الحرفية إلى عرض المنتجات المحلية والوطنية، ما يعني أنه لا يوجد فيها بالعادة أي منتج غير يدوي أو أجنبي، وكل المعروضات تعبر عن مهارة وشخصية البائع الحرفي نفسه.
خلفية عن السوق
قد يكون هذا أول سوق حرفي في الأحمدي، لكنه ليس الأول في الكويت، فقد حقق سوق "قوت"، وهو سوق حرفي موسمي تتم استضافته في مواقع مختلفة بجميع أنحاء الكويت، نجاحاً مستمراً منذ سنوات.
ونتيجة لهذا النجاح والاهتمام المتزايد بالمنتجات العضوية، أدرك رواد الأعمال الكويتيون الشباب إمكانات الاستثمار في الأسواق الحرفية، وكان هناك الكثير من الجهود المحلية الجديدة في السنوات الأخيرة بهذا المجال.
وتعتبر الأحمدي المكان المثالي لهذا النوع من الأسواق، كونها معزولة عن ضوضاء الحياة اليومية، ولا تزال تحتفظ بجذورها وجوهرها، نظراً لأنها كمنطقة لم تتكيّف بشكل كامل مع الحداثة بطريقة فريدة وطريفة.
ولأن شركة نفط الكويت متحمسة لدعم الشباب الكويتي في مساعيهم المختلفة وبكافة المجالات، كان من الطبيعي أن تحرص على المشاركة في تنظيم هذا السوق الحرفي لعرض منتجاتهم.
اهتمام بالتفاصيل
اتبع منظمو هذه الفعالية نهجاً حرفياً أيضاً، حيث تم أخذ كل تفاصيل السوق في الاعتبار وصياغتها بعناية قبل افتتاحه أمام الجمهور.
فعلى سبيل المثال، وبسبب الشعبية الهائلة للسوق، أعرب بعض الزوار عن رغبتهم في استمراره لمدة أطول من يوم، أو زيادة عدد ساعات إقامته التي تبدأ من الساعة 9 صباحاً حتى 5 مساءً، لكن هذا الأمر صعب تحقيقه، حيث يتم إعداد المنتجات وتقديمها في نفس اليوم ويجب أن تكون جميعها طازجة.
وبالإضافة إلى ذلك، كانت هناك حاجة لضوء الشمس، مع أخذ الأصالة في الاعتبار، حيث تميل أسواق المزارعين في جميع أنحاء العالم إلى أن تستمر بضع ساعات فقط في اليوم، وقد أكد المنظمون على هذا المستوى العالي من الأداء.
ومن ضمن التفاصيل أو اللمسات الصغيرة التي أضفت الجمال على هذا السوق، موسيقى الجاز التي عُزفت بهدوء طوال فترة عرض المنتجات، والخط المحدد بعناية المستخدم في لوحات الأسماء لكل أركان العرض، فضلاً عن الشعار العام، والتوقيت، كونه صباحاً شتوياً مشمساً، وأخيراً الألوان المختارة، وقد شكلت جميعها لوحة كبيرة وجميلة نابضة بالحياة.
تفانٍ واعتزاز
عنصر آخر في هذا السوق أعطاه سحراً وهو الطريقة التي عرض من خلالها البائعون منتجاتهم، ففي مراكز التسوق على سبيل المثال، يتم فصل البائع عن المنتج المعروض، إلا أنه في هذا السوق كان البائعون هم الحرفيين أنفسهم، لذلك بدا أن لكل منهم قصة فريدة يرويها عن عمله.
وعلى سبيل المثال، أوضح أحد الحرفيين الذي يبيع العسل المحلي أنه جمع هذا العسل من مزرعته ثم قام بوضعه في عبوات دون مساعدة أحد، موضحاً أنه كان من الطبيعي أن يعرض ويقدم جميع منتجاته بأقصى قدر من التفاني والاعتزاز، ما يشكل قدوة للمواطنين الآخرين ويدفعهم للمبادرة والاستفادة من الموارد القيّمة التي توفرها هذه الأرض الطيبة، معتبراً أن جرة واحدة من العسل المحلي المنتج بتفانٍ وبالكثير من الجودة والأصالة، هي رمز للحب والاعتزاز بالوطن.
ويجب علينا أيضاً أن نضع في اعتبارنا أن هذه المنتجات المصنّعة محلياً لا تساعد فقط في تعزيز الاقتصاد الكويتي، ولكن أيضاً في الحفاظ على البيئة عن طريق تقليل النفايات الناتجة عن البضائع المستوردة من الخارج.
ومن الأمثلة الرائعة الأخرى، بائع يعرض طاولات وإطارات مختلفة مصنوعة من الخشب الكويتي، حيث قام بإعطائنا فكرة عن حرفته وحبه لها، واستمر بحماس في الحديث عن أنواع مختلفة من الأشجار الكويتية والمنتجات الخشبية المصنوعة منها، كما أشار إلى تاريخ صناعة السفن التجارية الرائعة من الخشب المحلي في الكويت قديماً، تلك السفن التي كانت معروفة ومشهورة في جميع أنحاء المنطقة، وتمثل كلها تقاليد ومصادر فخر لا يمكن نسيانها، وتذكرنا بها دائماً الأسواق الحرفية.
هوية كويتية
منتجات أخرى مزجت القديم بالحديث، ولعل السمة الرئيسية للهوية الكويتية تكمن في هذا الجمع الجميل بين الحرف اليدوية البسيطة والتجارة قبل اكتشاف النفط، والازدهار والحداثة المبهرة بعد اكتشاف النفط، حيث تم التعبير عن هذه الهوية في هذا السوق.
ومن مظاهر هذا المزج بين القديم والحديث حدائق البونساي - البونساي هو فن ياباني يعنى بغرس وتربية الأشجار في أوعية صغيرة - وعلى الرغم من أنها تعتبر حديثة نسبياً، فإنه تم تصميمها من قبل البائعين في السوق، حيث أوضح أحدهم كيف تم وضع كل حجر في مكانه داخل الأوعية الزجاجية باليد، ما نتج عنه حدائق صغيرة ورموز بسيطة لازدهار الاقتصاد.
وهناك ركن آخر بالمعرض كان مثيراً للإعجاب وهو مخصص لبيع البيض العضوي، ومنتجات الألبان المحلية العضوية، بالإضافة إلى منتجات البيض والحليب ذات المذاق الرائع التي تم عرضها بالسوق، ما يدفع المواطنين إلى الإقبال على شراء المنتجات المحلية وتشجيعها، وبالتالي فتح المجال لتوفير الكثير من فرص العمل والمشروعات الصغيرة للشباب الكويتي.
ويجب ألا ننسى ركن بيع التوابل الكويتية، فنظراً لموقعها الجغرافي، كانت الكويت محطة شهيرة للتجار المهتمين بالأعشاب والتوابل، ويمكن أن نلاحظ ذلك في كل الأطعمة والأطباق الكويتية، وقد استمر هذا التقليد حتى عصرنا الحديث، فنجد أن الأطعمة المحلية تتميّز بالنكهة والرائحة الشهية، وذلك بفضل هذه الأعشاب والتوابل، التي كانت في السابق مصدر رزق للكويتيين قبل اكتشاف النفط.
تعاون وشكر
لم يتردد البائعون في الإعراب عن امتنانهم لشركة نفط الكويت على الدعم الكبير الذي قدمته لهم، وعلى هذه الفرصة الرائعة التي أتاحتها أمامهم، مؤكدين كرم ضيافة الشركة واعتناءها الكبير بهم، حيث منحتهم حق العرض الحصري لمنتجاتهم، مع توفير عروض وخصومات خاصة لموظفي شركة نفط الكويت.
كما أكد المشاركون أن هذا السوق حقق نجاحاً هائلاً، وذلك نتيجة التعاون المثمر والعمل الجماعي بين مختلف الأطراف، وخاصة شركة نفط الكويت، حيث بذل فريق عمل العلاقات المحلية جهداً كبيراً في التواصل مع الأطراف الخارجية، ومنها الهيئات الحكومية المعنية بدعم الاستثمارات الحرفية.
كما أشاروا إلى أن فريق عمل خدمات المجتمع ساهم بجهود كبيرة في مجال الخدمات اللوجستية وتنظيم السوق، بينما تولى فريق عمل الإعلام مسؤولية متابعة أنشطة السوق وتصميم الشعار، والترويج لهذه الفعالية الجميلة، معربين عن أملهم بأن تتكرر وتستمر في الازدهار بمدينة الأحمدي في السنوات المقبلة.
منتجات متنوعة
تنوعت المنتجات التي عرضها البائعون المحليون، فكان هناك العسل المحلي المنتج في المزارع الكويتية، كما تضمن بعضها فواكه وخضراوات عضوية طازجة، وزيوتاً عضوية وأنواعاً من الصابون، مصنوعة يدوياً، إضافة إلى عدد من السلع المحلية، والبيض العضوي ومنتجات الألبان، والتوابل الكويتية.
وفي المقابل، كانت هناك أركان خاصة بالأمور الثقافية والفنية والتراثية، ومنها فن التطريز الذي شمل موضوعات ثقافية وتقليدية، ومنحوتات خشبية مثيرة للإعجاب، وطاولات مصنوعة من الخشب الكويتي مثل السدر وغيره.